فلسفة الثورة في الميزان
عِندَما تَلْتحِمُ الجَماهِيرُ الغاضِبةُ بِنُخْبتِها المُثقَّفةِ الرَّافِضةِ لِلوَضْعِ السِّياسيِّ القائِمِ ومُؤسَّساتِه الحاكِمة، فتَخرُجُ فِي الشَّوارِعِ تُطالِبُ بِسُقوطِ النِّظَام؛ فَإنَّها تَسلُكُ مَسَارًا ثَوْريًّا فِي الإِصْلاحِ عَلى طَريقَتِها؛ تَطلُبُ التَّغييرَ الشَّامِلَ للوُصولِ إِلى وَضْعٍ أَفْضلَ (وأَحْيانًا يَنْهارُ إِلى الأَسْوَأ)، مُتَّخذةً دُسْتُورًا ثَوْريًّا مُركَّزًا يَتلخَّصُ في شِعاراتِها ومَطالِبِها الأَساسِيَّة. وخِلالَ التَّاريخِ السِّياسيِّ للجَماعَةِ الإِنْسانيَّةِ، اختَلَفَتْ تِلكَ الشِّعَاراتُ مِن ثَوْرةٍ لِأُخْرى بحسَبَ خُصوصِيَّةِ الأَهْدافِ وَما تَراهُ الجَماهِيرُ مِن مَساوِئ، فَكانَتِ «الحُرِّيَّةُ والإِخَاءُ والمُسَاواةُ» لَدَى الفَرَنسيِّين، و«تَحقِيقُ العَدالَةِ» عِندَ حِزبِ «تركيا الفَتَاة»، و«الاشتِراكيَّةُ القَوْمِيَّةُ» فِي الصِّين. فمَاذا عَن ثَوْرةِ يُوليو المِصْريَّةِ ضِدَّ مَلَكيَّةِ فارُوق؟ مَا هِيَ عَقيدَتُها وأَهْدافُها المَرْحليَّةُ والطَّوِيلَةُ الأَجَل؟ يَعقِدُ «العَقَّادُ» فِي هَذا الكِتابِ مُقارَنةً بَينَ فَلْسَفةِ ثَوْرةِ يُوليو وأَهْدافِ الثَّوراتِ الكُبرَى عَلى ضَوْءِ قِراءَتِه المُتأنِّيَةِ لكِتابِ عبد الناصر الشَّهيرِ «فَلْسَفة الثَّوْرة»، الَّذِي عبَّرَ فِيهِ عَن نَظْرتِهِ السِّياسيَّةِ والإِقْليميَّةِ لِمِصْر.