مقدمة

عباس محمود العقاد أديب ومفكر وصحفي وشاعر مصري، ولد في أسوان عام 1889م، وهو عضو سابق في مجلس النواب المصري، وعضو في مجمع اللغة العربية، لم يتوقف إنتاجه الأدبي بالرغم من الظروف القاسية التي مر بها؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات، ويعد العقاد أحد أهم كتاب القرن العشرين في مصر، وقد ساهم بشكل كبير في الحياة الأدبية والسياسية، وأضاف للمكتبة العربية أكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات، نجح العقاد في الصحافة، ويرجع ذلك إلى ثقافته الموسوعية، فقد كان يكتب شعراً ونثراً على السواء، وظل معروفآ عنه أنه موسوعي المعرفة يقرأ في التاريخ الإنساني والفلسفة والأدب وعلم الاجتماع.

اشتهر بمعاركهِ الأدبية والفكرية مع الشاعر أحمد شوقي، والدكتور طه حسين، والدكتور زكي مبارك، والأديب مصطفى صادق الرافعي، والدكتور العراقي مصطفى جواد، والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، كما اختلف مع زميل مدرسته الشعرية الشاعر عبد الرحمن شكري، وأصدر كتابا من تأليفهِ مع المازني بعنوان الديوان هاجم فيهِ أمير الشعراء أحمد شوقي، وأرسى فيهِ قواعد مدرسته الخاصة بالشعر، توفي العقاد في القاهرة عام 1964م..

حياته

ولد العقاد في أسوان في (29 شوال 1306 هـ - 28 يونيو 1889)، لأب مصري وأم من أصول كردية.

اقتصرت دراسته على المرحلة الابتدائية فقط؛ لعدم توافر المدارس الحديثة في محافظة أسوان، حيث ولد ونشأ هناك، كما أن موارد أسرته المحدودة لم تتمكن من إرساله إلى القاهرة كما يفعل الأعيان. واعتمد العقاد فقط على ذكائه الحاد وصبره على التعلم والمعرفة حتى أصبح صاحب ثقافة موسوعية لا تضاهى أبدًا، ليس بالعلوم العربية فقط وإنما العلوم الغربية أيضًا؛ حيث أتقن اللغة الإنجليزية من مخالطته للأجانب من السائحين المتوافدين لمحافظتي الأقصر وأسوان، مما مكنه من القراءة والاطلاع على الثقافات البعيدة.

وكما كان إصرار العقاد مصدر نبوغه، فإن هذا الإصرار كان سببًا لشقائه أيضًا، فبعدما جاء إلى القاهرة وعمل بالصحافة وتتلمذ على يد المفكر والشاعر الأستاذ الدكتور محمد حسين محمد، خريج كلية أصول الدين من جامعة القاهرة.

أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري «مدرسة الديوان»، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق.

وعمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط، وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظاً وافراً حيث حصل على الشهادة الابتدائية فقط، لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب، والتحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة الشرقية. توفى العقاد في 26 شوال 1383 هـ الموافق 12 مارس 1964 ولم يتزوج أبدا.

فكر العقاد

كان العقاد ذا ثقافة واسعة، إذ عرف عنه أنه موسوعي المعرفة.

فكان يقرأ في التاريخ الإنساني والفلسفة والأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع، وقد قرأ وأطلع على الكثير من الكتب، وبدأ حياته الكتابية بالشعر والنقد، ثم زاد على ذلك الفلسفة والدين.

ولقد دافع في كتبه عن الإسلام وعن الإيمان فلسفيا وعلميا ككتاب «الله» وكتاب «حقائق الإسلام وأباطيل خصومه»، ودافع عن الحرية ضد الشيوعية والوجودية والفوضوية (مذهب سياسي)، وكتب عن المرأة كتابا عميقا فلسفيا أسماه هذه الشجرة، حيث يعرض فيه المرأة من حيث الغريزة والطبيعة وعرض فيه نظريته في الجمال.

يقول العقاد أن الجمال هو الحرية، فالإنسان عندما ينظر إلى شيء قبيح تنقبض نفسه وينكبح خاطره ولكنه إذا رأى شيئا جميلا تنشرح نفسه ويطرد خاطره، إذن فالجمال هو الحرية، والصوت الجميل هو الذي يخرج بسلاسة من الحنجرة ولا ينحاش فيها، والماء يكون آسنا لكنه إذا جرى وتحرك يصبح صافيا عذبا.

والجسم الجميل هو الجسم الذي يتحرك حرا فلا تشعر أن عضوا منه قد نما على الآخر، وكأن أعضاؤه قائمة بذاتها في هذا الجسد. وللعقاد إسهامات في اللغة العربية إذ كان عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة وأصدر كتبا يدافع فيها عن اللغة العربية ككتابه الفريد من نوعه اللغة الشاعرة.

معاركهُ الأدبية

وفي حياة العقاد معارك أدبية جَعَلتْهُ نهمَ القراءة والكتابة، منها: معاركه مع الرافعي وموضوعها فكرة إعجاز القرآن، واللغة بين الإنسان والحيوان، ومع طه حسين حول فلسفة أبي العلاء المعري ورجعته، ومع الشاعر جميل صدقي الزهاوي في قضية الشاعر بين الملكة الفلسفية العلمية والملكة الشعرية، ومع محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس في قضية وحدة القصيدة العضوية ووحدتها الموضوعية ومعارك أخرى جمعها عامر العقاد في كتابه: «معارك العقاد الأدبية».

العمل بالسياسة

بعد أن عمل بالصحافة، صار من كبار المدافعين عن حقوق الوطن في الحرية والاستقلال، فدخل في معارك حامية مع القصر الملكي، مما أدى إلى ذيع صيته واُنْتخب عضوًا بمجلس النواب.

سجُن بعد ذلك لمدة تسعة أشهر عام 1930 بتهمة العيب في الذات الملكية؛ فحينما أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسئولة أمام البرلمان، ارتفع صوت العقاد من تحت قبة البرلمان على رؤوس الأشهاد من أعضائه قائلًا: «إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه».

وفي موقف آخر أشد وطأةً من الأول، وقف الأديب الكبير موقفًا معاديًا للنازية خلال الحرب العالمية الثانية، حتى إن أبواق الدعاية النازية وضعت اسمه بين المطلوبين للعقاب، كان العقاد يبشر بانتصار الديموقراطية في الوقت الذي كانت فيها المظاهرات في مصر ترفع شعار «إلى الأمام يا روميل»،[15] وما إن اقترب جنود إرفين روميل من أرض مصر حتى تخوف العقاد من عقاب الزعيم النازي أدولف هتلر، وهرب سريعًا إلى السودان عام 1943 ولم يعد إلا بعد انتهاء الحرب بخسارة دول المحور.

وظائف الحكومة

اشتغل العقاد بوظائف حكومية كثيرة في المديريات ومصلحة التلغراف ومصلحة السكة الحديد وديوان الأوقاف. لكنه استقال منها واحدة بعد واحدة. ولما كتب العقاد مقاله الشهير «الاستخدام رق القرن العشرين» سنة 1907، كان على أهبة الاستعفاء من وظائف الحكومة والاشتغال بالصحافة.

بعد أن مل العقاد العمل الروتيني الحكومي. وبعد أن ترك عمله بمصلحة البرق، اتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة اطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور. وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه. وتوقفت الصحيفة عن الصدور بعد فترة. وهو ما جعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه. فاضطر إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل قوت يومه.

شعره

أول دواوين العقاد حمل عنوان «يقظة الصباح» ونشر سنة 1916 وعمر العقاد حينها 27 سنة.

وكتب العقاد في حياته عشرة دواوين شعر. وقد ذكر العقاد في مقدمة كتابهِ «ديوان من دواوين» أسماء تسعة دواوين له مرتبة وهي: يقظة صباح، ووهج الظهيرة، وأشباح الأصيل، وأشجان الليل، ووحي الأربعين، وهدية الكروان، وعابر سبيل، وأعاصير مغرب، وبعد الأعاصير. ثم كتب آخر دواوينه وهو «ما بعد البعد». في عام 1934 نظم العقاد نشيد العلم. وقد غني نشيده هذا وأذيع في المذياع في حينها. وكان قد لحنه الملحن عبد الحميد توفيق زكي.

قد رفعنا العلم
للعلا والفدا

في عنان السماء

حي أرض الهرم
حي مهد الهدى

حي أم البقاء

كم بنت للبنين
مصر أم البناة

من عريق الجدود

أمة الخالدين
من يهبها الحياة

وهبته الخلود

فارخصي يا نفوس
كل غال يهون

وهبته الخلود

إن رفعنا الرؤوس
فليكن ما يكون

ولتعش يا وطن

ولتعش يا وطن

وفي عام 2014 صدر كتاب بعنوان «المجهول والمنسي من شعر العقاد» من إعداد أحد تلاميذ العقاد وهو الباحث محمد محمود حمدان. وقد جمع في هذا الكتاب القصائد والأشعار غير المنشورة للعقاد.

تقدير العقاد

تُرجمت بعض كتبه إلى اللغات الأخرى، فتُرجم كتابه المعروف «الله» إلى الفارسية، ونُقلت عبقرية محمد وعبقرية الإمام علي، وأبو الشهداء إلى الفارسية، والأردية، والملاوية، كما تُرجمت بعض كتبه إلى الألمانية والفرنسية والروسية.

تمثال العقاد

وأطلقت كلية اللغة العربية بالأزهر اسم العقاد على إحدى قاعات محاضراتها،[23] وسمي باسمه أحد أشهر شوارع القاهرة وهو شارع عباس العقاد الذي يقع في مدينة نصر.

كما أنتج مسلسل بعنوان العملاق يحكي قصة حياة العقاد وكان من بطولة محمود مرسي منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب وتسلمها العقاد ولم يرفضها كما يتردد [24]، لكنه رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة.

مؤلفاته


منذ تعطلت جريدة الضياء في عام 1936، وكان العقاد فيها مديرا سياسيا، انصرف جهده الأكبر إلى التأليف والتحرير في المجلات. فكانت أخصب فترة إنتاجا. فقد ألف فيها 75 كتابا من أصل نحو 100 كتاب ونيف ألفها. هذا عدا نحو 15 ألف مقال أو تزيد مما يملأ مئات الكتب الأخرى.


المؤلفات المبكرة:

  • أصدرت دار الهلال للعقاد أول كتبه خلاصة اليومية والشذور (1912)
  • الإنسان الثاني (1913)، ويناقش في هذا الكتاب المكانة والاحترام الذي أحرزته المرأة في الحضارة الحديثة.
  • ساعات بين الكتب (1914)، قراءة منوعة لكتب الفلسفة والتراث والشعر.
  • خرج أول دواوينه يقظة الصباح (1916) وقد احتوى الديوان على قصائد عديدة منها «فينوس على جثة أدونيس» وهي مترجمة عن شكسبير وقصيدة «الشاعر الأعمى» و«العقاب الهرم» و«خمارويه وحارسه» و«رثاء أخ» وترجمة لقصيدة «الوداع» للشاعر الإسكتلندي روبرت برنز.
  • ديوان وهج الظهيرة (1917)
  • ديوان أشباح الأصيل (1921)
  • ديوان أشجان الليل (1928)
  • الفصول (1929). وهو مجموعة من المقالات الأدبية والاجتماعية والخواطر، كانت تنشر في صحف ومجلات ما بين عامي 1913 و1922. وكتاب فلسفي هو مجمع الأحياء (1929).


فترة الثلاثينات والأربعينات:

  • ديوان هدية الكروان (1933)
  • سعد زغلول، عن حياة السياسي المعروف سعد زغلول وثورة 1919 (1936)
  • ديوان عابر سبيل. وكتاب نقدي تاريخي بعنوان: شعراء مصر وبيانهم في الجيل الماضي 1355 - 1937، عبارة عن مقالات كل مقال عن شاعر من جيل معين. إضافة على إعادة طبع ساعات بين الكتب. (1937)
  • بعد خروجه من السجن ببضعة أعوام كتب لمجلة «كل شيء» في موضوع «حياة السجن» عدة مقالات جمعها في كتاب بعنوان: عالم السدود والقيود (1937)
  • سارة (1938)، سلسلة مقالات بعنوان «مواقف في الحب» كتبها لمجلة الدنيا الصادرة عن دار الهلال، والتي جمعها فيما بعد في هذا الكتاب.
  • رجعة أبي العلاء (1939)، كتاب يبحث في فكر وفلسفة الشاعر أبو العلاء المعري.
  • هتلر في الميزان، دراسة في شخصية القائد الألماني أدولف هتلر، وكان بعض المصريين وقت الحرب العالمية الثانية يميلون إلى هتلر لأنهم ضد الاحتلال الإنجليزي. لكن العقاد عكس ذلك كان ضد هتلر والنازية. النازية والأديان، دراسة في رؤية النازية للمسيحية. (1940)
  • أبو نواس، دراسة في شخصية الشاعر أبو نواس.
  • عبقريات: عبقرية محمد، عبقرية عمر (1941)
  • ديوان العقاد
  • ديوان وحي الأربعين. وديوان أعاصير مغرب (1942)
  • الصديقة بنت الصديق، دراسة عن عمر بن أبي ربيعة (1943)
  • ابن الرومي حياته من شعره
  • عمرو بن العاص، دراسة أدبية عن جميل وبثينة (1944)
  • هذه الشجرة، الحسين بن علي، بلال بن رباح، داعي السماء، عبقرية خالد بن الوليد، فرنسيس باكون، عرائس وشياطين، في بيتي (1945)
  • ابن سينا، أثر العرب في الحضارة الأوربية (1946)
  • الله، الفلسفة القرآنية (1947)
  • غاندي، عقائد المفكرين (1948)
  • عبقرية الإمام (1949)
  • عاهل جزيرة العرب / الملك عبد العزيز

فترة الخمسينات والستينات:

  • ديوان بعد الأعاصير، برناردشو، فلاسفة الحكم، عبقرية الصديق (1950)
  • الديمقراطية في الإسلام، ضرب الإسكندرية في 11 يولية، محمد علي جناح، سن ياتسن، بين الكتب والناس (1952)
  • عبقرية المسيح، إبراهيم أبو الأنبياء، أبو نواس (1953).
  • عثمان بن عفان، ألوان من القصة القصيرة في الأدب الأمريكي، الإسلام في القرن العشرين (1954)
  • طوالع البعثة المحمدية، الشيوعية والإنسانية، الصهيونية العالمية، إبليس (1955)
  • معاوية في الميزان، جحا الضاحك المضحك، الشيوعية والوجودية (1956)
  • بنجامين فرانكلين، الإسلام والاستعمار، لا شيوعية ولا استعمار، حقائق الإسلام وأباطيل خصومه (1957)
  • التعريف بشكسبير (1958)
  • القرن العشرين، ما كان وسيكون، المرأة في القرآن، عبد الرحمن الكواكبي (1959)
  • الثقافة العربية أسبق من الثقافة اليونانية والعبرية، شاعر أندلسي وجائزة عالمية (1960)
  • الإنسان في القرآن، الشيخ محمد عبده (1961)
  • التفكير فريضة إسلامية (1962)
  • أشتات مجتمعات في اللغة والأدب (1963)
  • جوائز الأدب العالمية (1964)
  • أفيون الشعوب